عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنهم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ »
رواه أحمد (1/ 446) ، وحسنه الحافظ، الفتح (11 /329)
وقال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2686 في صحيح الجامع
المعنى
المراد بالمحقرات أي الذنوب التي يحتقرها فاعلها- وهي الصغائر- التى رُبَّمَا يُسَامَحُ صَاحِبُهَا فِيهَا، فيكثر من الوقوع فيها، فينقلها بالإصرار وعدم التوبة من الصغائر إلى الكبائر، أو تدفعه الاستهانة بها إلى الوقوع فيما هو أكبر فيقع في الكبيرة.
ويضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا مثالا علي ذلك: بقوم نزلوا في وادٍ، وأرادوا أن ينضجوا طعاما لهم، فجاء أحدهم بعودصغير، وجاء الآخر بعود أو بعض عود، وتتابع القوم في إحضار الأعواد، حتي جمعوا شيئا كثيرا فأنضجوا به طعامهم، وهكذا الذنوب تكون شيئا صغيرا في نظر صاحبها ويكثر بعضها بعضا حتي تكبر وتكون سببا في هلاكه.
والمؤمن عنده حساسية كبيرة للذنب بخلاف المنافق،
فالأول يخاف ذنبه الصغير والثاني لا يقلق من ارتكاب الكبائر والجنابات،
فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:
« إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ،
وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِه ِ»
رواه البخارى.
ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يتحرجون أشد الحرج من الوقوع في المعاصي
كبيرها وصغيرها ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
( إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعرة ،
إن كنا نعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات )
رواه البخارى.
وقال ابن القيم رحمه الله :
k] مَن كملت عظمة الحق تعالى في قلبه عظمت عنده مخالفته ،
لأن مخالفة العظيم ليست كمخالفة من هو دونه ،
ومن عرف قدر نفسه وحقيقتها وفقرها الذاتي إلى مولاها الحق
في كل لحظة ونفَس ، وشدة حاجتها إليه ،
عظمت عنده جناية المخالفة لمن هو شديد الضرورة إليه في كل لحظة ونَفَس ،
وأيضاً إذا عرف حقارتها مع عظم قدر من خالفه ؛
عظمت الجناية عنده ؛ فشمّر في التخلص منها ]
مدارج السالكين
وقال الشاعر
خَلِّ الذُّنُوبَ حَقِيرَهَا ... وَكَثِيرَهَا فَهُوَ التُّقَى
كُنْ مِثْلَ مَاشٍ فَوْقَ أَرْ ... ضِ الشَّوْكِ يحْذَرُ مَا يَرَى
لَا تَحْقِرَنَّ صَغِيرَةً ... إِنَّ الْجِبَالَ مِنَ الْحَصَى
ما يُستفاد من الحديث
1- ضَرْب الْمَثَل لِلتَّقْرِيبِ لِلْفَهْمِ.
2-الحذر من الذنوب والمعاصي وعدم التهاون في شيء منها، فإن الصغائر إذا كثرت ولم تكفر ، أو أصر عليها صاحبها صارت سبباً في هلاكه.
3-محاسبة النفس أولا بأول.
4- استشعار مُراقبة الله عزّ وجلّ للعبد.
5- الحذر من ذنوب الخلوات .
م/ن
تحياااتي