العظمي
العاشر: الهجرة العظمي:
وهي عبارة عن هجرة السالك من وجوده ورفضه له، وسفره إلی عالم الوجود المطلق، والتفاته التامّ لذلك العالم. وقد أُمِر بهذه الهجرة فقيل: دَعْ نَفْسَكَ وَتَعَالَ.[1]
ويشير إليه قوله تعإلی: وَادْخُلِي جَنَّتِي بعد قوله: فَادْخُلِي فِي عِبَـ'دِي، لانّ يَـ'´أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ خطابٌ إلی النفس التي فرغت من الجهاد الاكبر و وردت عالَم الفتح و الظفر، و هو مقرّ الاطمئنان.
ولمّا كان هذا القدْر من الوصول إلی المقصد غير كافٍ، فقد أُمِر بالرجوع إلی ربّه. وقد ذكرنا تفصيل كيفيّة الرجوع. [الشرح]
فقد أُمِر ـ إذاً بالدخول ابتداءً في العِباد، وهو الإيمان الاعظم، ثمّ أُمر بالترقّي والدخول في جنّة الله بترك وجوده وبالدخول في عالم الخلوص والرجوع إلی ربّه. أمّا ما عُبّر عنه بتعبير مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ، فليس إلاّ هذه المرحلة: مرحلة الإيمان الاعظم. لانّ صدق الامر الذي هو فناؤه، ومحلّ السكون الصادق الذي هو الوجود المحض إنّما يحصلان في هذه المرحلة.
وبالنظر إلی أنّ المجاهدة العظمي لم تتحقّق بعدُ، وأنّ آثار وجود السالك لا تزال باقية حتّي الا´ن، وأنّ اضمحلال تلك الا´ثار في نظر السالك موقوف علی المجاهدة، فإنّه لم يأمن تماماً من سطوات سياط القـهر، وهو ـ لذلـك يقـف في مضـمار هذيـن الاسمَين الجليلَين. [3]