ورد اسم الله الكبير مقترنا باسمه المتعال في قوله تعالى: } عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ المُتَعَالِ { [الرعد:9]، ومقترنا بالعلي في عدة مواضع منها قوله: } ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ { [لقمان:30] . والشاهد أن الاسم ورد في هذه المواضع مطلقا معرفا مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية، وقد ورد في السنة عند البخاري من حديث أَبِى هريرة رضي الله عنه أن النبيصلي الله عليه وسلم قال: ( إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ في السَّمَاءِ ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلذِي قال: الحَقَّ وَهْوَ العَلِىُّ الكَبِيرُ ) ==================== الكبير في اللغة من صيغ المبالغة فعله كَبُرَ كِبَراً وكُبْراً فهو كبير، والكبر نقيض الصغر كبر بالضم يكبر أي عظم، والكبير والصغير من الأسماء المتضايقة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض، فالشيء قد يكون صغيرا في جنب شيء وكبيرا في جنب غيره ويستعملان في الكمية المتصلة كالكثير والقليل والمنفصلة كالعدد ويكون الكبر في اتساع الذات وعظمة الصافات نحو قوله تعالى: } فَجَعَلَهُمْ جُذَاذا إِلا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ { [الأنبياء:58]، وقوله: } فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً { [الفرقان:52]، وأيضا في التعالي بالمنزلة والرفعة كقوله: } وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا { [الأنعام:123] . ==================== والكبير سبحانه هو العظيم في كل شيء، عظمته عظمة مطلقة، وهو الذي كبر وعلا في ذاته، قال تعالى: } وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ { [البقرة:255]، روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: ( ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم ) ، وهو الكبير في أوصافه فلا سمي له ولا مثيل، ولا شبيه ولا نظير، قال تعالى: } هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً { [مريم:65]، وهو الكبير في أفعاله فعظمة الخلق تشهد بكماله وجلاله، قال تعالى: } لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ { [غافر:57]، وهو سبحانه المتصف بالكبرياء ومن نازعه في ذلك قسمه وعذبه، روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ( الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاء رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ ) ، فهو سبحانه الكبير الموصوف بالجلال وعظم الشأن، وهو المنفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن كل من سواه فله جميع أنواع العلو المعروفة بين السلف