اسم الله البصير ورد مطلقا معرفا ومنونا مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية ومقترنا باسم الله السميع في آيات كثيرة، كقوله تعالى: } سُبْحَانَ الذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ليْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلى المَسْجِدِ الأَقْصَى الذِي بَارَكْنَا حَوْلهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ { [الإسراء:1]، وقوله: } اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ { [الحج:75]، وقد ورد مطلقا منونا مفردا في موضعين ومقترنا بالسميع في ستة مواضع، قال تعالى: } وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً { [الفرقان:20] . أما ما ورد في السنة فقد تقدم الحديث في الاسم السابق: ( فإنكم لا تَدْعونَ أصمَّ ولا غائبا ولكنْ تدعون سميعاً بصيراً )، وورد عند أبي داود وصححه الألباني من حديث أبي هُرَيْرَةَ t أنه قْرَأ هَذِهِ الآيَةَ: } إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً {، ثم قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ ======================== البَصِيرٌ في اللغة من أبنية المبالغة، فعيل بمعنى فاعل، فعله بَصُرَ يُبصِرُ بَصَرا وتَبَصَّرَهُ، قال تعالى: } فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ { [الأنعام:104]، وتَبَاصَرَ القومُ أَبْصَرَ بعضهم بعضاً، والبَصَرُ يقال للعَيْنُ إِلاَّ أَنه مذكر، ويقال أيضا لحِسُّ العَيٌّن والنظر، أو القوة التي تبصر بها العين أو حاسة الرؤْية . والتَّبَصُّر التَّأَمُّل والتَّعَرُّف والتعريف والإِيضاح، والبَصيرة الحجة والاستبصار وهي اسم لما يعقد في القلب من الدين وتحقيق الأَمر، وقيل: البَصيرة الفطنة، ورجل بَصِيرٌ بالعلم عالم به، وبَصرُ القلب نَظرهُ وخاطره والبصير سبحانه هو المتصف بالبصر، والبصر صفة من صفات ذاته تليق بجلاله يجب إثباتها لله دون تمثيل أو تكييف، أو تعطيل أو تحريف، فهو الذي يبصر جميع الموجودات في عالم الغيب والشهادة، ويرى الأشياء كلها مهما خفيت أو ظهرت ومهما دقت أو عظمت . وهو سبحانه وتعالى مطلع على خلقه يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظ ذاكر، فالسر عنده علانية والغيب عنده شهادة، يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ويرى نياط عروقها ومجاري القوت في أعضائها ، قال ابن القيم: وهو البصير يرى دبيب النملة الســــــــوداء تحت الصخر والصوان ويرى مجاري القوت في أعضائها : ويرى عروق بياضها بعيان ويرى خيانات العيون بلحظها : ويرى كذاك تقلب الأجفان